ابني من الجن..

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما

كنت في مكتبي عندما دخلت علي امراة في العقد السادس من عمرها القت السلام ثم قالت بنبرة حزينة تنم عن لوعة واسى
سيدي جئت من اجل ابني هلا اعنتنى على استرجاعه
قلت وانا امد لها منديلا وقد غمرتها العبرات هدئي من روعك ان شاء الله خير وسالتها عن اسمه واسم امه وعمره فقالت -عبد الستار وهو رضيع رفعت راسي مندهشا بينما كنت اقلب بعض الاوراق في يدي وقلت -رضيع فكيف ومن هي امه فقالت بغضب انا امه واسمي زهرة .عندها تبينت وانها تشكو من لبس .قلت وانا احاول ان اهدىء من عصبيتها التي ظهرت على وجهها المتجعد . ارجوك يا اماه لا تنفعلي وكيف يكون ابنك وهو رضيع وكلمة اماه كانت مقصودة مني حتى اشعرها بالسن والعمر قالت بصرخة الام الملتاعة تخرج من صدرها الذي كان يمزقه سعال متقطع من حين لاخر .هو ابني ارجوك يا شيخ فلا يعلم بامره غيري فساعدني ارجوك فانا اكاد اجن واحترق شوقا فطلبت منها سرد قصتها وقبل ان تبدا ترشفت قليلا من الماء كنت قد قدمته لها وكانها تبل ذلك الجفاف الذي سد حلقها وقالت .
والله العظيم اقول الحق .لي بنت وولد ربيتهما مقابل المال الذي كنت احصله من خدمة البيوت حتى كبرا وهما يمنياني كل يوم بل ساعة بان يعوضاني عن شبابي الذي فنيته من اجلهما بعد ترملي وانا على عتبة الثلاثين كبرا وحلمت كثيرا بهذا التعويض الرباني ان صح التعبير وانا ارى الفتاة عروسا والابن شابا يافعا. وجاء من يطلب يدها ووافقت على مضض حتى اضمن لها الحياة الكريمة في ظل رجل وهي التي حرمت منه كثيرا تزوجت وبقدر بكائي على فقدانها بقدر املي ان تحقق ما حرمت منه انا .وفي يوم لن انساه جاءني ابني وقال ساسافر يا امي بكيت صرخت ثرت مزقت شعري ولطمت وجهي وانا استنكر ما يفعله بي وما راعني الا ان اعتراضي قد زاده اصرارا على السفر مستشهدا بفلان وفلان الذي كون مستقبله وان عرض السفر فرصة لن تتكرر في حياته وانني مطالبة بالقبول كام يجب عليها ان لا تقف امام فلذة كبدها وامام مستقبله .تركني وذهب اما ابنتي فقد زارتني مرة فاخرى واخرى وبعدها بدات تقلل زياراتها واصبحت تتعذر وقدمت لي هدية كانت بالنسبة لي ارخص ما رايت في حياتي وبالمقابل كانت بالنسبة لها منقذا ورحمة من العلم في نظرها وهي عبارة عن هاتف جوال تستطيع من خلاله الاطمئنان علي وعلى احوالي وهي في بيتها او في شغلها ام الابن فكان يهاتفني ويطلعني على احواله ويسالني الدعاء ومرت السنون والبنت ما انفكت تشحن هاتفي حتي تكلمني واكلمها والابن يتعذر من طول المسافة وعدم حصوله على الاوراق الشخصية في دار الغربة .واصبحت احن للامومة كل ما سمعت ابن جارتي يبكي فاتتبع خطواته من نافذتي الصغيرة وصدري يتاجج نارا وبدات احس بانتفاخ وحرارة في ثدي وذات يوم نزلت اول قطرة حليب منه وانا في العقد السادس كما ترى فخفت اول ذي امر لكني فرحت في اعماقي وخاصة ان ليلي الطويل الذي كنت امضيه ارقا قد تغير واصبحت اهرع الى فراشي لتراودني تلك الاحلام الجميلة التي كنت ارى فيها طفلا جميل المحيا في حضني وان ارضعه وبدات في كل صباح احس بوخز في ثدي وكاني فعلا كنت ارضع طفلا وهكذا حتى جاء اليوم الذي رايته بجانبي وانا ارضعه يقظة ففرحت به كثيرا ورايته هدية عظيمة لا استطيع الاستغناء عنها اعظم بكثير من هدية ابنتي واسميته عبد الستار حتى يستر الله به امري وامره ودام هذا الحال اكثر من عامين كانت من اجمل ايام حياتي واستفقت ذات يوم ولم اجده بكيت كثيرا بحثت عنه تحت السرير وحتى في الخزانة وتعالى صوتي وان اناديه عبد الستار ولكن لا اثر له .ثم استدارت لي وهي تحاول تقبيل يدي ارجوك يا شيخ ساعدني اريد ابني فطمانتها بعد ان طلبت منها ان تاتيني صحبة ابنتها بعد ثلاثة ايام الا انها رفضت اعلام ابنتها بالامر فطلبت منها المجيء لوحدها . وجاءت في الموعد وقمت باستنطاقها فتكلمت على لسانها احدى ملكات الجن قالت بعد رد السلام اذ تبين انها من المسلمات قالت لقد اكرمتها برضاعة ابني وخاصة اني كنت مريضة وهي اهل لذلك لحبها الشديد للاطفال واني استسمحها لاسترده منها وقد اودعت لها في المقابل دفينة تستطيع اخذها مقابل تعبها وحبها لابني وساكرمها بان احافظ على الاسم الذي سمته له وهذه قوانين عندنا ويجب ان استرد ابني وقد دلتني على مكان الدفينة وعاهدتني انها لن يتعرض لها احد من قبيلتها او من القبائل الاخرى بسوء وانها عندهم معززة مكرمة وستعامل كصاحبة حق في الرضاعة وسلمت واستاذنت مني في صرفها فقمت بذلك . ولما افاقت هذه الام الطيبة وكان شيئا قد انتفض منها وسالتني عن مال ابنها فطمانتها انه بخير وانه يزورها يوميا دون ان تراه فاغمي عليها من كثرة البكاء وبالاشارة الى الدفينة فقد كانت على علم بها وقد رفضتها كليا وقالت لن اخذ مالا مقابل ابني وانصرفت والدموع في عينيها وهي تمتم بكلمات لم افهم منها سوى. اللهم رد علي ابني بجاه حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم وهي الى الان تزورني من حين لاخر وقد من الله عليها بالشفاء وكل ما تتذكر الحادثة تبتسم ابتسامة عريضة .وفي اخر زيارة لها جاءت صحبة فتاة صغيرة وقلت من هذه الفتاة فقالت لي وهي تضحك انها شقيقة عبد الستار وطبعا كانت تمزح معي فهي ابنة ولدها المسافر ولكم ان تستخلصوا العبرة من هذه القصة الواقعية والتي وقعت معي شخصيا ومثلها الكثير...